عرض المقال
السلام الوطنى وعورة الوطن
2012-09-26 الأربعاء
الرسائل التى تصل أى كاتب هى جهاز أشعة بالحروف يكشف خبايا المجتمع ويضع يده على نبض الناس، اخترت لكم رسالتين لهما دلالات فى منتهى الأهمية؛ لأنهما بقلم عالمين أحدهما أستاذ فلك والآخر أستاذ جراحة، الأول ينظر إلى وطنه من خلال تليسكوب الفلكى، والثانى يشرح بمشرطه الحاد المعقم جسد الوطن، فيصطدم بالقيح أحياناً وبالغرغرينا أحياناً أخرى.
تقول رسالة أستاذ الفلك د. أحمد عبدالحميد المريرة السوداوية:
«يوم الجمعة الماضى يقوم 3 أفراد بالهجوم على دورية إسرائيلية فيقتلون جندياً إسرائيلياً، وقتل الإسرائيليون واحداً منهم، وطارد الباقى القوات الإسرائيلية الساهرة على حماية وطنهم وتقتل الاثنين الباقيين (لا نعرف قتلتهما أين؟ هل داخل مصر أم داخل إسرائيل؟) طبعاً باستخدام الأقمار الصناعية الإسرائيلية تم تحديد مكانهم وقتلهم فى التو، وإسرائيل غطت عوراتها فوراً، من هم الثلاثه؟ لا أحد يعلم هل هم مصريون أم غزاة لمصر استهانوا بها؟ ومصر مغيبة، ليس عندها تكنولوجيا حديثة تحميها وتغطى عورتها.
فى رمضان تم جزر 16 جندياً مصرياً على الحدود مع حماس وبصورة وحشية، وسرقة معداتهم ومحاولة ضرب إسرائيل ويقوم الجيش الإسرئيلى بأقمارهم الصناعية بعمل اللازم وتقتل 6 منهم أو 7 أو 8 وقامت الدنيا فى مصر وقعدت على مفيش، لا نعرف للآن من الجناة.
أين مصر؟ من قتل جنودنا، ومن استهان بنا وبحدودنا وقتل على حدودنا، هل هم مصريون؟ هل هم إسرائيليون؟، هل هم أفغان؟، هل هم ولاد بن لادن الذين يحملون أعلامهم فى وسط القاهرة؟، هل هم سلفيون أو جهاديون أو من حماس؟، أم من هم؟.
أين مصر؟، حد يقول من هم، فات أكثر من شهر، لقد تم تصويرهم بالقمر الصناعى الإسرائيلى قبل وأثناء وبعد العدوان فى حادث رمضان وفى حادث الجمعة الماضى، القمر الإسرائيلى يصور كتابة الجنيه المصرى لو وقع على الأرض، يبقى مش حايقدر يصور وش بنى آدم، ويرصد تحركاته، حتى يدخل بيته، ولذلك إسرائيل جابتهم، قبل أن تطبقوا الشريعة عايزين قمر يعرفنا مين همه، ومين عرى عورتنا، قبل تطبيق الشريعة عايزين سلاح يحمى سيناء اللى بتروح منا يوم بعد يوم، قبل تطبيق الشريعة عايزين نلحق نفسنا قبل ما نضيع وندخل فى حرب مع إسرائيل تهلكنا قبل أن تهلكهم، قبل تطبيق الشريعة عايزين نأكل الغلابة قبل ثورة الجياع، ونوحد نفسنا قبل ما ندور على انتخابات جاية ومين يلحق الكرسى، قبل تطبيق الشريعة إلحقوا مصر قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، وأنتم جميعاً مذنبون، وبكده مش حنلاقى حد نطبق عليه الشريعة حتى لو عملتوا دستور لتطبيق الشريعة فقط.
أنا بعد الستين من العمر، ومستعد أشيل سلاح وأجرى أحمى سيناء قبل ما تضيع، نفسى تيجى السنة الجاية وسيناء لسه معانا؟، يارب الطف بمصر وعدى الأيام السودا دى على خير».
تقول رسالة أ. د يحيى نور الدين طراف، أستاذ جراحة عظام الأطفال: «ليس أسوأ من فتوى تحريم تحية العلم والوقوف لعزف السلام الوطنى، إلا الفتوى المضادة من دار الإفتاء بأن ذلك جائز شرعاً، لأنه إذا كان الوقوف للسلام الوطنى جائز بنص الفتوى، فهذا يعنى أن عدم الوقوف يكون كذلك جائزاً، عندئذٍ يكون من حق كل مواطن حضره عزف سلام بلاده الوطنى أن يكون له الخيرة من أمره، إما إن يقف أو لا يقف ولا تثريب عليه. فيكون المصريون فريقين لدى عزف سلام بلادهم الوطنى، فريق وقوف وآخرون جلوس فى مشهد منكر لا أقوى على مجرد تخيله.
ومع الاحترام لشيوخنا الأفاضل، ألم يقل الله تعالى «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين» (الأعراف ١٩٩)، أوليس الوقوف تحية للعلم وللسلام الوطنى عرفاً متعارفاً عليه يجب أن نأمر به؟ أوليس انسلاخ طائفة من الناس عن سائر الأمة فى تأدية الاحترام الواجب لهما هو تفريقاً وشقاً لعصا الجماعة نهينا عنه؟. وهل يكون توقف السيارات كذلك فى إشارات المرور جائزاً غير ملزم، فمن شاء وقف للضوء الأحمر ومن شاء استمر فى انطلاقه، وللمشاة أيضاً الخيرة من أمرهم يمكنهم عبور الطريق دون اعتبار للون الإشارة!.
الرأى عندى أن الوقوف للسلام الوطنى هو واجب على كل مواطن، ومن لم يفعل متعمداً فيجب أن يعاقب بتهمة ازدرائه ولا يوكل إليه أى عمل أو منصب عام، وليس فى الإسلام ما يمنع ولى الأمر من سن تشريع كهذا يحفظ وحدة الصف ويزرع احترام علم البلاد وسلامها الوطنى فى قلوب النشء والشباب وعامة الشعب. لو كان العلم مجرد قطعة قماش ما قتل دونه جعفر بن أبى طالب يوم مؤتة لما أخذه بيمينه من زيد بن حارثة بعد استشهاده فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل إكراماً له أن يسقط، فاحتمله بعد صاحبيه عبدالله بن رواحة حتى قتل، فأسرع إليه سيف الله المسلول خالد بن الوليد».